الخطاب وتحفيز الشباب على ممارسة المواطنة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن دراسة علاقة ممارسة المواطنة لدى الشباب بالخطاب السائد تبدو أقرب الى المقاربة السوسيولوجية والى التحليل المنهجي لبنية الخطاب في العلاقة بالممارسة الاجتماعية اليومية. هذه المقاربة تبني على متغيرين أساسين هما :

1) متغير ممارسة المواطنة لدى الشباب

2) متغير الخطاب السائد

ويفترض أن تكون العلاقة بين المتغيرين تفاعلية تواصلية مع النص وممارسة النص، بين القيمة وتجسيداتها بين القوانين وتمثلاتها.

إلا أن هذه العلاقة تبدو بحسب هذا التمشي السوسيولوجي أكثر تكثيفا وأشد تعقيدا مما تبدو على السطح.

أولا : في مستوى تنوع الخطاب :

الخطاب في حدّ ذاته له نماذج عديدة في الحياة الاجتماعية، فمنه الخطاب الرسمي والخطاب غير الرسمي، الخطاب النخبوي والخطاب الشعبي، تصنيفات أخرى للخطاب بحسب تنوع أوجه الحياة التي يعيشها الانسان مثل : الخطاب الديني والخطاب السياسي والخطاب الاخلاقي والخطاب الفلسفي، وأخرى ذات أبعاد قيمية ومعيارية كالخطاب الايديولوجي والخطاب الاخلاقي والخطاب التربوي... الخ.

ذلك أن بنية الخطاب تحددها مجموعة من القيم والمنطلقات الاخلاقية والتربوية التي تجسد رؤية جماعة أو فئة أو طبقة، وهذا الخطاب يتميز بتماسك منظوماته الداخلية انطلاقا من نظرة خاصة وفلسفة مميزة لتلك الجماعة.

وللخطاب آلياته التي تؤثر في الجماعة، الا أن الآليات تختلف باختلاف أشكال الجماعات من حيث شدّة التأثير وحدّة التوجيه. وكثيرا ما ترتبط أليات تأثير الخطاب بمواقع الافراد والمجموعات والادوار التي يلعبونها وسياقات فعلهم الاجتماعي.

ثانيا : في مستوى ممارسة المواطنة :

هي فعل اجتماعي مشحون نظريا بالرموز والمعاني والدلالات. ذلك أن ممارسة المواطنة إنما هي تعبير عن الانتماء للوطن في سياق المعيشة اليومية وليس فقط في مستوى نظري مجرد. وهذه الممارسة محكومة بدورها بمجموعة من الآليات التي تحددها طبيعة المواطنة سواء أكانت كاملة أو منقوصة، ناضجة أو سطحية، عريقة أو محدثة. كما تتأثر ممارسة المواطنة بآليات العمل المدني والسياسي في المجتمع من جهة وبطبيعة علاقة الدولة بمواطنيها قوة وضعفا، إدماجا أو اخضاعا، ولاءاً أو مقاومة، من جهة أخرى.

أما حينما نربط بين هذه المتغيرات (الخطاب وممارسة المواطنة والياتهما) بالتحفيز، وهو فعل إرادي، خارجي، غير ذاتي، فإننا ندخل مستوى ما يسميه علماء الاجتماع وعلماء النفس بالتنشئة.

فالتحفيز أو التحسيس أو التشجيع على ممارسة المواطنة، يمثل فعلا ايجابيا تقوم به الجماعات المعنية كالدولة والحزب السياسي والمنظمة والجمعية وغيرها تجاه الافراد المنتمين اليه بغرض تحقيق جملة من الاهداف كالادماج وتحقيق التعايش والتضامن.

ويطرح موضوع تحفيز الشباب على ممارسة المواطنة عدة ملاحظات يمكن تلخيصها في ما يلي :

1- أي شباب، وأية ممارسة للمواطنة؟ : ذلك أن المسألة تقتضي التمييز بين فئات من الشباب (جامعي، تلمذي، ريفي، حضري، عامل، عاطل... الخ..
2- ماهي طبيعة وما هو سياق برامج التحفيز على ممارسة المواطنة؟ : وهذا التمييز يمثل المدخل الحقيقي لوضع برامج تنشئة ملائمة في المواطنة. ذلك أن الحملات العرضية التي ترتبط عادة بالمناسبات كالمهرجانات الثقافية وحملات التوعية المرورية والصحية وغيرها تختلف عن البرامج التوعوية والتربوية التي تندرج في صلب العمل اليومي الموجه الى الشباب داخل المنظمات والمؤسسات.

وهكذا يكون التحفيز ضمن البرامج المستمرة المطولة أجدى وأشد تأثيرا في التربية المدنية (التربية على المواطنة) داخل الهياكل منه في وسائل الاعلام.

3- كيف يمكن لممارسة المواطنية أن تجد طريقها الى الشباب في الوقت الذي يستمر فيه انتشار نزعة الاخضاع والوصاية والابوية في الاسرة وفي غيرها من المؤسسات الاجتماعية ؟

4- إن اشكالية ثقافة المواطنة يحد من فاعليتها انتشار الثقافة المافوق مواطنية (الايديولوجيات) والماتحت مواطنية (النزعة القبلية أو الشللية ) .

مجالات التنشئة على المواطنة في الخطاب الموجه الى الشباب (كنموذج من أهم نماذج الخطاب .

تحتل المواطنة مكانة أساسية في الخطاب التربوي وخاصة في المراحل الاولى، ولذلك فإن هذا الخطاب يتطلب المراجعة الدائمة والتقييم المستمر لمضامين التربية على المواطنة. كما تبرز في هذه المراحل أهمية التجديد التربوي في مجال تنشئة الاجيال على الحياة العامة وذلك من خلال التركيز وبشكل دوري على العناصر التالية :

أ- التنشئة على التربية الوطنية والحضارية : ويندرج في ذلك التربية على احترام التاريخ والثقافة والتراث والاعتزاز بهما.

ب- التنشئة على المهارات المدنية : ومنها التربية على التعامل مع البيئة الاجتماعية ومع المحيط الخارجي بالنسبة للتلميذ والطالب. ومن الطرق المتبعة في هذه التربية التدريب على تحمل المسؤولية من خلال اللعب وتمثيل الادوار.

ج- التنشئة على المواطنة البيئية : وتشمل تعليم وتدريب الشباب على اكتساب المهارات المتعلقة بالتعامل مع البيئة الطبيعية وذلك من خلال العناية بها والحفاظ عليها وحمايتها. وحماية كافة الموارد الطبيعية.

د- التنشئة على الثقافة الحقوقية : وتعني تربية الشباب على ثقافة الشأن العام من خلال التدرب على اكتساب مبادئ الحقوق والواجبات ومن خلال التعريف بالقوانين العامة والخاصة والدعوة الى احترامها وحمايتها والالتزام بها.

هـ- التنشئة على قيم مجتمع المعرفة : وذلك من خلال نشر قيم التفكير الحر والنقدي ومن خلال غرس حب الاطلاع واحترام المعارف والثقافة والعلوم وتقديرها، فضلا عن ترشيد استعمال الشباب للوسائل الاتصالية الحديثة المؤدية الى تلك القيم. ويندرج في هذا التوجه في التنشئة التربية على الانخراط في شبكات الحوار والتواصل والتفاعل المعرفي داخليا وخارجيا.
والمواضيع كثيرة في هذا المجال

المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

حفظ الله ليبيا

موضوع: مشاركة الخميس ديسمبر 01, 2011 9:59 pm

امساء الخير

مشكور استاد فوزى على الموضوع الرائع

إن اشكالية ثقافة المواطنة يحد من فاعليتها انتشار الثقافة المافوق مواطنية (الايديولوجيات) وماتحت مواطنية (النزعة القبلية أو الشللية ) .

مجالات التنشئة على المواطنة في الخطاب الموجه الى الشباب

شكرا اخى فوزى على طرح موضوع المواطنة وافضل مانحتاج اليه فى هده الايام هو الخطاب الدينى لانى اعتبره الخطاب المؤثر فعلا فى الناس فنحن بحمد الله دولة اسلامية وسطية معتدلة .
والله اكبر الله اكبر ولله الحمد .

شكرا على هدا الموضوع الممتاز انا على نفسي استفدو منه ومزيد من تقدم ...السلام عليكم

موضوع: مشاركة الجمعة ديسمبر 02, 2011 6:09 pm

السلام عليكم
شكرا اخى على هدا الموضوع .

» ملاحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــظة
» رد على مشاركة الشباب
» الشباب .. والطريق نحو إثبات الذات